السكان في الجزائر: بين النمو والتحول

في هذه المقالة، سنتناول أهم المعلومات المتعلقة بالسكان في الجزائر، من حيث الحجم والتركيب والتوزيع والنمو. كما سنناقش الاتجاهات والتحديات التي تواجه الحركة الديمغرافية في الجزائر.

السكان في الجزائر: بين النمو والتحول
السكان في الجزائر: بين النمو والتحول

مراحل التعمير في الجزائر

يعود ظهور الإنسان في الجزائر إلى أزمنة قديمة كما تدل على ذلك بعض الآثار لبقايا بشرية، يرجع تاريخها إلى أكثر من 700ألف سنة. التي تعرف باسم "إنسان تغنيفين". 

وبحكم موقعها المفتوح على البحر الأبيض المتوسط، فقد كانت هدفا لتوافد الجماعات البشرية من الشرق. وكذلك عبر الصحراء عندما كانت الظروف المناخية أكثر ملاءمة مما هي عليه الآن.

  1. المرحلة الأولى من تعمير الجزائر: مع بداية العصر الحجري الحديث Stone Age economics. كانت الجزائر قد ضمت مجموعة بشرية. التي كونت المماليك البربرية، وتوالت التأثيرات الخارجية على البلد منذ الألف سنة الأولى قبل الميلاد من احتلال فينيقي. وروماني، ووندالي، ثم بيزنطي أثر على تركيبة السكان فيها.
  2. المرحلة الثانية من تعمير الجزائر: أضاف الفتح الإسلامي وما تلاه من هجرات مختلفة من الشرق إلى النسيج الاجتماعي عناصر جديدة ساهمت في انصهاره وتلاحمه. كما أدى وصول العثمانيين إلى إدخال العنصر التركي إلى الجزائر وإن كان استقراره قد اقتصر على المدن الشِّمالية.
  3. المرحلة الثالثة من تعمير الجزائر: شجع الاستعمار الفرنسي استبطان المعمرين في السهول الخصبة بالإقليم الشمالي. واضطر السكان الأصليين إلى الانتقال إلى الأقاليم الأقل خصوبة وإنتاجا.

مراحل تطور عدد السكان في الجزائر

  1. مرحلة التراجع السكاني في الجزائر: من سنة 1851 إلى 1872 في هذه المرحلة تناقص عدد سكان الجزائر بشكل ملحوظ. ويرجع ذلك إلى: الأوبئة التي انتشرت بين السكان مثل مرض الطاعون سنة 1851. المجاعة التي أصابت السكان فيما بين 1866 و 1868، الإبادة الجماعية التي مارسها الاستعمار ضد السكان خلال ثوراتهم. كثورة المقراني وتجنيد الجزائريين في الحروب، مثل حرب 1870 ضد ألمانيا.
  2. مرحلة النمو البطيء للسكان في الجزائر: تراوحت نسبة الزيادة الطبيعية في هذه المرحلة مابين 0.4% و 1.8% وهو معدل منخفض. بسبب مشاركة الجزائريين في الحربين العالميتين الأولى والثانية. وسياسة الأرض المحروقة والتهجير التي انتهجها الاستعمار ضدهم. كما أدت حرب التحرير إلى انخفاض معدل المواليد بشكل ملحوظ.
  3. مرحلة الانفجار الديمغرافي في الجزائر: بلغ نمو السكان في الجزائر بهذه المرحلة حد الانفجار الديموغرافي. فإن ارتفاع معدل الزيادة الطبيعية هو نتيجة طبيعة تحسن الظروف المعيشية للسكان وما صاحبه من تحسن في العناية الصحية. والتغلب على الكثير من الأمراض، وانتشار الوعي الصحي خاصة ما تعلق منه بحماية الأم والطفل. بالإضافة إلى زمن الاستقرار الذي عرفته الجزائر.

التركيب السكاني في الجزائر

يتألف السكان الجزائريون من خليط من الأعراق المختلفة، أبرزها الأمازيغ والعرب. ويشكل المسلمون الغالبية العظمى من السكان، حيث تبلغ نسبتهم حوالي 99%.

يتوزع السكان الجزائريون على عدة مجموعات عرقية، أبرزها:

  • العرب: يشكل العرب حوالي 75-80% من السكان الجزائريين. ويعيشون بشكل أساسي في مناطق الشمال، وخاصة في المدن الساحلية.
  • الأمازيغ: يشكل الأمازيغ حوالي 20-25% من السكان الجزائريين. ويعيشون بشكل أساسي في مناطق شمال الجزائر، وخاصة في جبال الأطلس.
  • البدو الرحل: يشكل البدو الرحل حوالي 1% من السكان الجزائريين. ويعيشون بشكل أساسي في منطقة الصحراء الكبرى.

الحركة الديمغرافية في الجزائر

تتميز الحركة الديمغرافية في الجزائر بانخفاض معدل الخصوبة وارتفاع معدل الوفيات. وقد أدى ذلك إلى انخفاض معدل النمو السكاني في السنوات الأخيرة.

بلغ معدل النمو السكاني في الجزائر حوالي 1.7% في عام 2023، وهو أقل من المتوسط العالمي البالغ 1.0%. ومن المتوقع أن يستمر معدل النمو السكاني في الانخفاض في السنوات القادمة، حيث سيستمر معدل الخصوبة في الانخفاض.

الكثافة السكانية في الجزائر

تبلغ الكثافة السكانية الإجمالية في الجزائر حوالي 18.41 شخصًا/كم2، وهي منخفضة نسبيًا مقارنة بالدول العربية الأخرى. ويرجع ذلك إلى التوزيع غير المتكافئ للسكان في الجزائر.

تعيش الغالبية العظمى من السكان الجزائريين في الشمال، على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط. وتبلغ الكثافة السكانية في هذه المناطق حوالي 100 شخصًا/كم2. أما في الجنوب، حيث تقع الصحراء الكبرى، فتبلغ الكثافة السكانية حوالي 0.1 شخصًا/كم2.

يرجع التركيز السكاني في الشمال إلى عدة عوامل، أبرزها:

  • توفر المياه والأراضي الخصبة للزراعة.
  • وجود المدن الرئيسية والموانئ التجارية.
  • سهولة الوصول إلى المرافق والخدمات العامة.

النزوح الريفي في الجزائر

لم يكن عدد المراكز الحضرية يتجاوز سنة 1830 خمس مدن لا يزيد عدد سكانها عن 30 ألف نسمة. وأصبح عددها سنة 1998 يزيد عن 597 مدينة من بينها 32 مدينة عدد سكانها يفوق عن 100 ألف نسمة. 

ولابد من ذكر أسباب النزوح الريفي في الجزائر على ثلاث مراحل:

  1. المرحلة الأولى للنزوح الريفي في الجزائر: مابين 1954 و 1962 تصاعد عدد سكان المدن في هذه المرحلة بسبب سياسة التدمير المنظم للريف. والقرى التي انتهجها الاستعمار، مما أجبر السكان على الزحف نحو ضواحي المدن. التي عجزت عن توفير شروط الاستقبال الضرورية للنازحين.
  2. المرحلة الثانية للنزوح الريفي في الجزائر: مابين 1962 و 1970 أصبحت الأرياف غداة الاستقلال تطرح صعوبات أمام استقرار السكان. ولا سيما فئة الشباب التي لجأت إلى المدن هروبا من البطالة، بسبب وضعيتها المزرية والتدمير الذي لحق بها خلال الحرب التحريرية.
  3. المرحلة الثالثة للنزوح الريفي في الجزائر: من 1970 إلى يومنا هذا، أدت مجهودات الإنماء الاقتصادي. منذ بداية التسعينيات التي غالبا ما تركزت في المدن إلى استقطاب اعداد كبيرة من سكان الأرياف. وكذا إهمال قطاع الزراعة في الجزائر.

المستوى المعيشي في الجزائر

يقاس المستوى المعيشي في أية دولة، باستخدام مؤشرات الاقتصاد، والوضع الاجتماعي. وثقافية مثل الدخل الفردي ونسبة التعليم، والمستوى الصحي، ومعدل الفقر.

الدخل الفردي الجزائري والرعاية الصحية

ارتفع الدخل الفردي في الجزائر إلى 1930 dollar سنة 2003 حين كان 1600 dollar في سنة 1993. كما أدى تحسن الرعاية الصحية إلى انخفاض معدل وَفِيَّات الأطفال لتصل إلى 31.1% حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية - World Health Organization. وأصبح منذ سنة 1999 لكل 1271 نسمة طبيب، ولكل 476 نسمة سرير مستشفى.

معدل الفقر في الجزائر

يقدر البنك العالمي نسبة السكان التي تعيش ما دون خط الفقر ب 12.2% سنة 1998. كما تشير إحصائيات منظمة اليونيسيف - UNICEF أن معدل الوصول إلى الماء الصالح للشرب في الجزائر 87% سنة 2002. وهو من المعدلات المرتفعة في العالم.